أسرار آيات الصيام

[روميسة]

ذكر الله ﷻ الصيام في القرآن الكريم أربع عشرة مرَّة، لكنه ﷻ لم يذكر كلمة [رمضان] إلا في موضع واحد، فقال: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ...}البقرة184.

وقبل أن يأتي على ذكر [رمضان] وضَع سبحانه [الصيام] بين أمرين عظيمين هما: الإيمان والتقوى؛ فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}البقرة183.. ولم يقُل ﷻ: [يا أيها الناس] ولا [يا عبادي] وإنما خاطب المؤمنين بالذات؛ لأنّه لا يستجيب لأمر الله ﷻ إلا مؤمن...
فالمؤمن إذا سمع الله ﷻ ينادي عليه؛ قال: لبَّيك ربي، هأنذا واقف بين يديْك، سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير.

وإنما أمر الله ﷻ المؤمنين بالصيام، وجعل ثمرته التقوى، لأن بين الإيمان والصوم والتقوى تلازمٌ في السرية والإخلاص، فالإيمان تصديق بالقلب، والتقوى محلُّها القلب، وكلاهما سريّان، والصيام أمرٌ سريٌّ، وهذه الثلاثة لا يطَّلع عليها إلا الله علّام الغيوب ﷻ، وإلى هذا أشار سبحانه في الحديث القدسي: ((كلُّ عمل ابنِ آدمَ له، إلا الصومَ فإنه لي وأنا أجزي به))مسلم.

ثم جعل الله ﷻ في سياق آيات الصوم من سورة البقرة [آية الدعاء] وهي: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}.. وذلك في جوابٍ لسؤال أعرابيٍّ جاء إلى رسول الله ﷺ يسأله قائلاً: ((يا محمد.. أقريبٌ ربُّنا فنُناجيه؟ أم بعيدٌ فنُناديه؟))، وقبل أن يُجيب ﷺ كان أمين وحي السَّماء يجوب الآفاق قادماً بقوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}.
وأما مناسبتها مع آيات الصوم فبيّنه نبينا ﷺ في قوله: ((إن للصائم عند فطره دعوةً ما ترد))الترمذي.